الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية أبو عياض يختفي... بين الاغتيال والاعتقال...أين الحقيقة من الخيال؟

نشر في  08 أفريل 2015  (11:43)

لوحظ في الفترة الأخيرة اختفاء زعيم أنصار الشريعة المحظور سيف الله بن حسين المعروف بأبي عياض وغيابه، فمنذ أن تحصن بالفرار من وحدات الأمن التونسي أمام جامع الفتح وسط العاصمة زمن حكم الترويكا وتمكّن من الهروب إلى ليبيا بدأت المعلومات تشحّ حوله ما دفع بالبعض إلى طرح نقاط استفهام حول هذا الغياب.
ولعلّ ما زاد في حيرة بعض المهتمين بهذا الشأن هو عدم إصدار تنظيم أنصار الشريعة لأي بيان رسمي على لسان زعيمه لتؤكد عبره سلامته وبقاءه على قيد الحياة خاصة وأن أنباء راجت في أواخر سنة 2013 أفادت اعتقال أبو عياض في ليبيا في عملية شاركت فيها قوات الولايات المتحدة الأمريكية قبل ان يتم لاحقا نفي ذلك الخبر من الجهتين.
 ومنذ ذلك التاريخ «أفل نجم» أبو عياض ولم يظهر له أي تسجيل صوتي أو مصور ولم يصدر عنه أي بيان رسمي. وفي هذا الصدد ارتأينا في أخبار الجمهورية سبر أغوار هذا الغياب الغامض لزعيم التيار المحظور، فرصدنا لكم فرضيات مختلفة علّها توضّح وتضفي ما خفي من إجابات شافية لبعض الاستفسارات. فكانت الورقة التالية:

تجدر الاشارة في البداية، الى أن أخبار الجمهورية رصدت 4  فرضيات بخصوص غياب «زعيم التيار الإرهابي» فرجّحت أوّلها اعتقاله لدى القوات الأمريكية تحديدا في أحد السجون السرية التي تملكها مخابراتها أو في عرض البحر على متن احدى القطع العسكرية الأمريكية في البحر الأبيض المتوسط.
واستبعدت هذه المصادر أن يكون قد تم ترحيله إلى واشنطن حيث يمنع القانون الأمريكي اعتقال المتهمين دون محاكمة. خاصة وأنّ واشنطن وضعت أبو عياض في دائرة المورطين والمتهمين بالوقوف خلف الهجوم الذي استهدف السفارة الأمريكية في تونس في سبتمبر 2012.

اعتقال أم فرار؟

أمّا الفرضية الثانية فترجح تحصنه في أحد معتقلات تنظيم الدولة الإسلامية على خطى أتباعه ومنهم أحمد الرويسي الذي لقي حتفه الشهر الماضي بعد التحاقه بداعش ليبيا في مواجهات مسلحة مع ميليشيا فجر ليبيا في منطقة سرت.
هذا بالإضافة إلى فرضيتين أخريين حول هذا الغياب الغامض لزعيم عرف بدهائه، إحداهما تحدثت عن تحصنه  في منطقة الصحراء في معقل تنظيم القاعدة خاصة وأن العديد من الخلافات قد شقت التنظيمات الجهادية في ليبيا بعد إعلان الخلافة على يد أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش، الأمر الذي يمكن أن يدفع أبو عياض إلى الهرب ـ وهي الفرضية الثالثة ـ إلى منطقة الصحراء الكبرى حيث تسيطر القاعدة على قطاعات واسعة من المنطقة وكتيبة الموقعين بالدماء بقيادة مختار بلمختار المنشق عن القاعدة.
وأما الفرضية الأخيرة فهي أن يكون قد قتل في ليبيا في مواجهات كما حصل لبقية قيادات تنظيم أنصار الشريعة  وقد تم وفق ذات المصادر استبعاد هذه الفرضية وذلك لأن أغلب القيادات الجهادية التي تقتل في المعارك يتم نعيها من قبل مختلف الجماعات الجهادية..

أبو عياض يشرف على كتيبة تضم 1500 مقاتل للتوغل في تونس!!

من ناحية أخرى كشفت رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية بدرة قعلول في تصريح إعلامي معلومات هامة حول أبو عياض، حيث أفادت أنه بايع تنظيم داعش الإرهابي وزار اليمن سنة 2013 للقيام بدور الوساطة مع تنظيم القاعدة هناك كما زار العراق وسوريا.
كما أكّدت قعلول أن المسمى أبو عياض موجود حاليا في ليبيا ويشرف على تدريب كتيبة المقاتلين التونسيين التي تضم 1500 مقاتل لتهيئتهم للتوغل في تونس، حسب تصريحها.

تسريبات عن اجتماع بين الإرهابيين أبو عياض وبلمختار

وأفادت مصادر إعلامية مطّلعة، أن تقارير أمنية أكدت رصد اجتماع ضمّ زعيم تنظيم أنصار الشريعة المحظور أبو عياض مع أمير تنظيم «الموقعون بالدم» وهو الجزائري مختار بلمختار الملقب بالأعور في مدينة ليبية قبل شهر من عملية باردو. ورجّحت ذات المصادر أن يكون الاجتماع قد خصص للتحضير لعمليات إرهابية.

تنظيم أنصار الشريعة يصدر بيانا يتهم فيه حركة النهضة بالتخطيط للاغتيالات السياسية في تونس

من جهة أخرى، رصدنا نشر جريدة الفجر الجزائرية لبيان موقع من قبل تنظيم أنصار الشريعة المحظور، جاء فيه أن زعيمها أبو عياض اتهم حركة النهضة منذ سنة باعداد قائمة اغتيالات لعدة شخصيات تخالفها وتعارضها الرأي وذلك بتدبير من علي العريض وزير الداخلية في حكومة الترويكا.
كما جاء في بيان أنصار الشريعة بأنّ إدراج شخصية مشهورة في هذه القائمة من دون الرجوع إلى صاحب القرار في إشارة واضحة إلى زعيم الحركة راشد الغنوشي أثار استياءه، واعتبر تنظيم أنصار الشريعة أن محاولة إقحامها من طرف النهضة في هذا المأزق خطأ جسيم وناجم عن قرار تنظيمي من شأنه أن يسمح للنهضة أن تستمر في دائرة القرار.
 وفي هذا الصدد اتصلنا بالقيادي في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي الذي قال بالحرف الواحد ان الحركة ليست مستعدة للإجابة عن هذه السيناريوهات السينمائية الرديئة، رافضا أن يخوض أصلا في الحديث عن هذا الموضوع.
وإن كان هذا البيان يسعى إلى تفنيد خبر مقتل أبو عياض فإنّه لم يحدد مكانه أو يوضح مخططاته، ليبقى لغز  اختباء «زعيمهم» يحوم حوله العديد من الملابسات التي يمكن أن تدل على اتخاذ أبو عياض وعدد من قيادات تنظيمه لاستراتيجية «التخفي» التي من المرجح أن تخفي وراءها مخططات تسعى إلى تنفيذها والأكيد أنها ستبوء بالفشل إن كان يزعم إجراءها في تونس وذلك لبسالة وحداتنا الأمنية والعسكرية في مواجهة الإرهاب وصانعيه.

من هو أبو عياض؟


ولد سيف الله بن حسين المكنى بأبي عياض يوم 9 نوفمبر 1965 بمدينة منزل بورقيبة، انتمى إلى الحركة الإسلامية التونسية في ثمانينات القرن الماضي. وخرج من تونس سنة 1991 بعد انطلاق الحملة الأمنية ضد الإسلاميين متوجها إلى المغرب الأقصى حيث درس الحقوق .
تزوج خلال إقامته بالمغرب من مغربية أنجبت له ثلاثة أطفال، وقد تابعته السلطات التونسية في المغرب فاضطر للخروج إلى لندن وتقدم بطلب اللجوء السياسي في 10 فيفري 1994 وبقي ينشط في السرّ هناك ولم يتلق الإجابة عن طلب اللجوء إلا في العام 2002 عندما كان متخفيا في باكستان وكان الرد بالرفض القطعي إضافة إلى عدم إمكانية الاستئناف، حيث اعتبر خطرا محدقا بالأمن القومي البريطاني.
في لندن تتلمذ أبو عياض على يد الجهادي الفلسطيني أبو قتادة ، حيث كانت لندن يومها قاعدة إعلامية خلفية للجماعة الإسلامية المسلحة الجزائرية وتصدر فيها نشرية «الأنصار» بإشراف أبو قتادة.
بعد الفترة اللندنية انتقل أبو عياض إلى أفغانستان إبان حكم الطالبان واستقر هناك حتى اندلاع أحداث سبتمبر 2001 وأسس تجمع الجهاديين التونسيين في جلال أباد سنة 2000، والتقى في هذه الفترة زعيم القاعدة أسامة بن لادن في مقره في قندهار في سبتمبر 2000، ليخرج  من أفغانستان في فيفري 2001 ويتنقل بين عدة دول وكانت آخر محطة هي تركيا حيث وقع اعتقاله في 3 فيفري 2003 بسبب خطأ ارتكبه أحد رفاقه حين ذكره بكنيته في اتصال هاتفي .
بعد شهر من اعتقاله في تركيا تم تسليمه للسلطات التونسية ليحاكم بتهمة الانتماء إلى تنظيم القاعدة والى تنظيمات إسلامية مختلفة، لتكون جملة الأحكام في حقه 68 سنة قضى منها 8 سنوات قبل أن يتم الإفراج عنه في  مارس 2011 بعد الثورة في حكم الترويكا وفق ما ذكرته مصادر إعلامية.
وفي 17  أوت  2013، تم تصنيف تيار أنصار الشريعة الذي يتزعمه أبو عياض رسميا على أنه تنظيم إرهابي محظور وذلك لتورطه في عمليات إغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وكذلك الهجوم على عدة مراكز سيادية وإلى علاقتها مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

منارة تليجاني